تأسَّس حزب الله الشيعي في لبنان عام 1982م، ولكنه دخل معترك السياسة عام 1985م. وقد ولد هذا الحزب من رحم حركة أمل الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران
حزب الله اللبناني
المبحث الأول: نشأة حزب الله في لبنان
تأسَّس حزب الله الشيعي في لبنان عام 1982م، ولكنه دخل معترك السياسة عام 1985م. وقد ولد هذا الحزب من رحم حركة أمل الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران.
وقد تسمّى بدايةً باسم (حركة أمل الشيعية) ثم تسمّى بـ (أمل الإسلامية) رغبةً في توسيع نطاقه ليشمل الأمّة الإسلامية، لأن دور حركة أمل اقتصر على النطاق الشيعي السياسي اللبناني، وتكون (أمل الإسلامية) هي من يتولّى نشر التشيّع في لبنان والعالم الإسلامي، وأخذ صورة المناضل المقاوم الذي يحمل همّ الدفاع عن الأمّة وحماية مقدّساتها. ونظراً لما اقترنت به (حركة أمل الشيعية) من أعمال وحشية وجرائم بشعة لا تخوّل وليدها (أمل الإسلامية) من استلام مهام الدفاع عن الأمة، وخشيةً من هذا فقد كُوّن حزبٌ جديد، وهو ما يُعرف اليوم بـ(حزب الله).
وبعد تغيير الاسم؛ تُلمَّع الشخصيات ويَصنع الإعلام أبطالاً وهميين لقتلة الأمس، وسفّاحي صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، فهؤلاء هم المجاهدون الفاتحون اليوم!! إنّها عملية يُراد ترويجها على الأمة وعلى البسطاء، الذين لا يفقهون الدين، ولا يعلمون العقيدة الصحيحة، ولا يقرؤون التاريخ، بل يَحكمون على الناس من خلال وسائل الإعلام المضلّلة التي لا تبني الأمجاد على أسس علمية صحيحة ولا على حوادث وحقائق واقعية. من هنا جاء الحزب ليلعب دوراً خطيراً في الأمة الإسلامية أعمّ وأشمل من دور أٍُمِّهِ (أمل الشيعية)، التي اتخذت مسار الاهتمام بالطائفة الشيعية من ناحية سياسية بلباسٍ علماني.
المبحث الثاني: مؤسس حركة أمل
مؤسس حركة أمل هو: موسى الصدر، إيراني الجنسية، من مواليد عام 1928م، تخرَّج من جامعة طهران، ووصل إلى لبنان عام 1958م، وقد حصل على الجنسية اللبنانية بعد أن منحه إياها فؤاد شهاب بموجب مرسوم جمهوري مع أنه إيراني ابن إيراني!! وهو تلميذ الخميني وتربطه أقوى الصلات به، فابن الخميني أحمد متزوج من بنت أخت موسى الصدر، وابن أخت الصدر مرتضى الطبطبائي متزوج من حفيدة الخميني. لقد قام موسى الصدر بتأسيس منظمة (أمل) المسلحة في الجنوب وبيروت والبقاع، وكانت هذه المنظمة متعاونة مع القوات الوطنية:
المطلب الأول: الرؤساء المرشحون
حزب الله اللبناني:
سعت إيران إلى تأسيس حركة جديدة تُسمّى (حزب الله) على يد محمد حسين فضل الله والملقب بـ (خميني لبنان)، وصبحي الطفيلي، وحسن نصر الله وإبراهيم الأمين وعباس موسوي ونعيم قاسم وزهير كنج ومحمد يزبك وراغب حرب. وسرعان ما تفجر الوضع بين هؤلاء بسبب محاولة كل طرف بسط نفوذه على مناطق الشيعة في لبنان؛ فاقتتل الطرفان -حركة (أمل) و(حزب الله)- قتالاً شرساً، حتى تمكَّن (حزب الله) من بسط نفوذه على أغلب مناطق الجنوب، وازدادت شعبيته بين أبناء الشيعة بسبب ما يقدمه من خدمات اجتماعية كبيرة لأبناء الشيعة في المنطقة بمساعدات سخية من الدولة الإيرانية. وهذا الحزب (حزب الله) يُعدُّ في زمننا الحاضر من أشد الفتن على أبناء السُّنة والجماعة في العالم، فظاهره جهاد أعداء الله من اليهود والنصارى، وحقيقته الدعوة إلى التشيع وتصدير الثورة الخمينية الإيرانية للعالم الإسلامي.
المطلب الثاني: مرجعية الحزب
لا نغالي إذا قلنا إن حزب الله هو حزب إيراني في لبنان، ففي البيان التأسيسي للحزب، الذي جاء بعنوان (من نحن وما هي هويتنا؟) عرّف الحزب عن نفسه فقال: “… إننا أبناء أمّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم… نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدّد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظلّه مفجّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة..”، وقد عبّر إبراهيم الأمين (قيادي في الحزب) عن هذا التوجّه عام 1987م فقال: “نحن لا نقول إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران”.
فقد قيل لـ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله: إن دور حزبه لن ينتهي؛ لأنه حزب مستورد من الخارج، (سوريا أو إيران) فقال: لنكن واضحين ونحكي الحقائق: الفكر الذي ينتمي إليه “حزب الله” هو الفكر الإسلامي، وهذا الفكر لم يأت من “موسكو” أيام الاشتراكية ولا من “لندن وباريس” ولا حتى من “واشنطن” في زمن الليبرالية، هو فكر الأمة التي ينتمي إليها لبنان، إذاً نحن لم نستورد فكراً، وإذا كان من يقول: إن الفكر إيراني. أقول له: إن هذه مغالطة؛ لأن الفكر في إيران هو الفكر الإسلامي الذي أخذه المسلمون إلى إيران، وحتى هذا الفكر خاص بعلماء جبل عامل. اللبنانيون هم الذين كان لهم التأثير الكبير في إيران على المستوى الحضاري والديني في القرون السابقة؛ أين هو الاستيراد؟ هذا الحزب كوادره وقياداته وشهداؤه لبنانيون.
وفي إحدى الاحتفالات التأبينية التي تقام في لبنان قال إمام جمعية مسجد الإمام المهدي الشيخ حسن طراد: “إن إيران ولبنان شعب واحد وبلد واحد”، وكما قال أحد العلماء الأعلام: “إننا سندعم لبنان كما ندعم مقاطعاتنا الإيرانية سياسياً وعسكرياً”. وفي مناسبة تأبينية أخرى قال الناطق باسم حزب الله -ذاك الوقت- إبراهيم الأمين: “نحن لا نقول: إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران”. ويقول محمد حسين فضل الله المرشد الروحي لحزب الله: “إن علاقة قديمة مع قادة إيران الإسلامية بدأت قبل قيام الجمهورية الإسلامية، إنها علاقة صداقة وثقة متبادلة، ورأيي ينسجم مع الفكر الإيراني ويسير في نفس سياسته”.
ويقول حسن نصر الله: “إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام والدولة التي تناصر المسلمين والعرب. وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما إن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا”. ويُؤَمِّن على كلام أمين الحزب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية، د. محمد صدر فيقول: “إن السيد حسن نصر الله يتمتع بشعبية واسعة في إيران كما تربطنا به علاقات ممتازة”. وقد حذر علي خامنئي مرشد الثورة من إضعاف المقاومة الإسلامية وقال: “إنه يجب التيقظ ومنع الأعداء من ذلك، إن شعلة المقاومة يجب أن لا تنطفئ؛ لأن أولئك الأبطال واجب على إيران مساعدتهم”.
فهكذا يتبين الترابط المتكامل بين إيران الثورة وحزب الله وشيعة لبنان، فقد أصبحت إيران الأم الرؤوم والمحضن الدافئ والمرعى الخصيب والنموذج الذي يتطلع إليه عموم الشيعة؛ فهي القبلة الدينية والسياسية لهم.
المطلب الثالث: حسن نصر الله رئيساً للحزب
حسن عبد الكريم نصر الله من مواليد 21 أغسطس 1960م، سافر إلى النجف في العراق عام 1976م لتحصيل العلمالديني الإمامي، عيِّن مسؤولاً عن حركة (أمل) في بلدة البازورية في قضاء صور، وعيِّن مسؤولاً سياسياً في حركة (أمل) عن إقليم البقاع وعضواً في المكتب السياسي عام 1982م، ثم ما لبث أن انفصل عن الحركة وانضم إلى حزب الله، وعيِّن مسؤولاً عن بيروت عام 1985م، ثم عضواً في القيادة المركزية وفي الهيئة التنفيذية للحزب عام 1987م، واختير أميناً عاماً على إثر اغتيال الأمين العام السابق عباس الموسوي عام 1992م، مكملاً ولاية سلفه، ثم أعيد انتخابه مرتين عام 1993 – 1995م.
وأما صلة نصر الله بمنظمة (أمل) فهي على النحو التالي:
منظمة (أمل) -كما سبق- أنشأها موسى الصدر وله من الصلة الوثيقة بالخمـيني ما له. في (8/10/1983)م، أعلن المفتي الجعفري عبد الأمير قبلان باسم المجلس الشيعي الأعلى ما يلي: “إن حركة (أمل) هي العمود الفقري للطائفة الشيعية، وأن ما تعلنه (أمل) نتمسك به كمجلس شيعي أعلى، ومن ثم فإن ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة”. وقد بايعت (حركة أمل) الزعيم الشيعي (الخميني) وأعلنته إماماً لها وللمسلمين في كل مكان! جاء هذا التأييد للحركة بعد الانشقاق الذي خرجت به (أمل الإسلامية) (حزب الله فيما بعد) وبعد الحضور الفعلي لـ (حزب الله) على أرض الصراع. وكان حسين الموسوي وهو نائب رئيس حركة (أمل) قد أعلن عن انشقاقه عن منظمة أمــل وأعلن (أمل الإسلامية) التي تحولت فيما بعد إلى (حزب الله).
وبهذا يتضح أنه لم يكن هناك إبعاد كبير لـ (حركة أمل) بقدر ما هو زحزحة من الصورة العسكرية والمواجهة إلى الساحة السياسية واستبقاؤها لأدوار أخرى تتوافق والمتغيرات السياسية لإيران وملفاتها في لبنان. إن قضية حسن نصر الله لا تحتاج إلى كثير بحث.. فهو شيعي جعفري ينتهج من شتم الصحابة ولعنهم ديناً وقربة إلى الله.. وقد صرّح الشيخُ يوسف القرضاوي في لقاءٍ معه أن (حسن نصر الله) شيعي متشدّد. وبعد هذه الأعمال والمخازي من حركة (أمل) الشيعية، والتي لا يمكن للناس أن يثقوا بها أو يقبلوا شيئاً منها؛ نتج منها هذا الحزب (حزب الله)، فكيف يمكن للمسلمين الصادقين أن يثقوا به؟!
وإن حصل بينهم قتال شرس وطاحن قبل سنوات، فهذا هو حال أهل الباطل وديدنهم منذ قديم الزمان، فقد قال الله تعالى عن أمثالهم -وهم اليهود-: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} [الحشر:14]، وقال أيضاً: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة من الآية:64]، وقال عن أمثالهم من النصارى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة من الآية:14].
المبحث الثالث: أهداف حزب الله
الأهداف المعلنة للحزب: أنه حركة مقاومة إسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان ورفع شعار تحرير المقدسات الإسلامية في فلسطين للتغرير بالمسلمين وصرف أنظارهم عن مخططات الحزب الخفية، ولاستمالة قلوبهم وتعاطفهم، وقد زادت شعبية هذا الحزب بين الناس بسبب ما قدَّمه من خدمات اجتماعية وإنسانية بدعم من حكومة إيران.
أما الأهداف غير المعلنة فهي: نشر التشيع في لبنان، والحفاظ على الوجود الشيعي الدائم في هذا البلد، والسيطرة على منافذ القوة فيه، وتهيئة موطئ قدم لإيران للتدخل في المنطقة متى تشاء لتحقيق مصالحها وأهدافها القومية والدينية. وكذلك ضرب البنية التحتية للبنان، وجرّه إلى حرب ليتسنّى لهذا الحزب السيطرة على لبنان وهذا جزء من تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم الإسلامي، ومن أجل إقامة دول الهلال الشيعي حسب ما يخططون ويسعون له.
المبحث الرابع: حزب الله وإسرائيل.. شقاق أم وفاق
اشتهر حزب الله بمقاومته للجيش الإسرائيلي، حتى حاز على إعجاب الكثير من المسلمين الطيبين الذين اعتبروه بطلاً ونموذجاً للمقاومة والتحرير، وسنحاول أن نرد هنا بعضاً من الأدلة على عدم جدية حزب الله في هذا الأمر، وأن جهاده ومقاومته هي سياسية في المقام الأول وليس من أجل تحرير الأرض، ولكن من أجل تحقيق أهداف مؤسسية، وهو ما تحاول إثباته هذه الرسالة، غير أننا نشير هنا إلى بعض منه.
تفاهما يوليو/ تموز 1993م، أبريل/ نيسان 1996م:
مما يشير إلى أن مقاومة حزب الله هي مقاومة سياسية في المقام الأول التفاهمات السياسية التي توصل إليها حزب الله مع إسرائيل، ومنها تفاهمي يوليو 1993م، وأبريل 1996م، حيث تعهد الحزب في هذين التفاهمين بعدم ضرب أهداف إسرائيلية داخل فلسطين المحتلة بداية، وهو أمر كان الحزب يؤكد التزامه به، معتبراً أن إطلاق صواريخ “الكاتيوشا” على المستعمرات الإسرائيلية في الجليل ليس سوى رد فعل على الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين.
أما اتفاق تفاهم أبريل 1996م بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل، فقد تم التوصل إليه بموافقة حزب الله وعملت سوريا على الوصول إليه، وينص هذا الاتفاق على ما يلي:
إن الولايات المتحدة تفهم أنه بعد مناقشات مع حكومتي إسرائيل ولبنان وبالتشاور مع سوريا، فإن لبنان وإسرائيل سوف يكفلان التالي:
- 1إن المجموعات المسلحة في لبنان لن تقوم بهجمات بصواريخ الكاتيوشا، أو أي نوع آخر من السلاح إلى داخل إسرائيل.
- 2إن إسرائيل والمتعاونين معها لن يطلقوا أي نوع من السلاح على المدنيين، أو الأهداف المدنية في لبنان.
- 3بالإضافة إلى هذا، يلتزم الطرفان بالتأكد من عدم كون المدنيين هدفاً للهجوم تحت أي ظروف، وعدم استخدام المناطق المدنية الآهلة والمنشآت الصناعية والكهربائية قواعد إطلاق للهجمات.
- 4بدون خرق هذا التفاهم لا يوجد ما يمنع أي طرف من ممارسة حق الدفاع عن النفس.
- 5تم تشكيل مجموعة مراقبة مؤلفة من الولايات المتحدة، وفرنسا، وسوريا، ولبنان وإسرائيل. ستكون مهمتها مراقبة تطبيق التفاهم المنصوص عليه أعلاه. وستقدم الشكاوى إلى مجموعة المراقبة.
- 6ستنظم الولايات المتحدة أيضاً مجموعة استشارية تتألف من فرنسا، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، وأطراف أخرى مهتمة بهدف المساعدة على تلبية حاجات الإعمار في لبنان.
- 7من المعترف به أن التفاهم من أجل إنهاء الأزمة الحالية بين لبنان وإسرائيل لا يمكن أن يكون بديلاً عن حل دائم.
- 8تفهم الولايات المتحدة أهمية تحقيق سلام شامل في المنطقة، من أجل هذه الغاية، تقترح الولايات المتحدة استئناف المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، وبين لبنان وإسرائيل في وقت يتفق عليه، بهدف التوصل إلى سلام شامل، تفهم الولايات المتحدة أنه من المرغوب فيه أن تجري المفاوضات في جو من الهدوء والاستقرار
وهكذا يتضح لنا من بنود اتفاق إبريل 1996م أن حزب الله تخلى بشكل واضح عن تحرير فلسطين، ولقد عمل حزب الله على الالتزام بهذا الاتفاق، حتى شهدت له إسرائيل بذلك.
المطلب الأول: الانسحاب الإسرائيلي وقواعد اللعبة
أما الاتفاق الأخطر، والذي يكشف حقيقة حرب حزب الله، فهو الاتفاق الذي سبق الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000، وهو الاتفاق الذي أشار إليه حسن نصر الله في خطاباته بقواعد اللعبة، وأبرز بنود هذا الاتفاق تتمثل في النقاط التالية:
المرحلة الثانية بند (أ) يقوم الجيش الإسرائيلي بسحب قواته كافة من كامل الأراضي اللبنانية والحزام الأمني إلى الحدود الدولية في مدة لا تتعدى ثلاثة أشهر تحت إشراف ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وفقا للقرارات الدولية المتعلقة بجنوب لبنان وإنهاء حالة الحرب هناك، كما يقوم جيش الدفاع الإسرائيلي بحل وتفكيك مليشيات جيش لبنان الجنوبي، ولا يشمل الانسحاب مزارع شبعا على أساس أنها أرض سورية، مرتبطة أمنيا بهضبة الجولان، وأمن دولة إسرائيل.
فقرة (ب) تقوم ميليشيات حزب الله بتسلم المواقع العسكرية والأمنية من جيش الدفاع الإسرائيلي، وجيش لبنان الجنوبي فوراً بعد إخلائها؛ للحيلولة دون وقوعها بأيدي منظمات فلسطينية أو إرهابية معادية لإسرائيل.
فقرة (ج) يتعهد الجيش الإسرائيلي بعدم استهداف أعضاء أو مؤسسات تابعة لهذا الحزب، وأن يسمح للحزب بتحريك أسلحته الثقيلة في المنطقة الحمراء للحفاظ على الأمن والهدوء.
فقرة (د) أن تعمل ميليشيا حزب الله على الانتشار في المنطقة الحمراء كلها “الحزام الأمني” حتى الشريط الحدودي بين لبنان ودولة إسرائيل وإحلالها مكان ميليشيا جيش لبنان الجنوبي بعد حل الأخرى.
فقرة (و) أن يعمل الحزب على ضمان الأمن في هذه المناطق التي ستصبح تحت سيطرته، وذلك “بمنع المنظمات الإرهابية من إطلاق الصواريخ على شمالي إسرائيل”، ووقف التسلل، واعتقال العناصر التي تهدد أمن حدود إسرائيل الشمالية، وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية لمحاكمتهم، كما يتعهد الحزب بمنع الأنشطة العسكرية وغير العسكرية لمنظمات إرهابية فلسطينية أو لبنانية معادية لإسرائيل في المنطقة الحمراء.
فقرة (هـ) تنسق الحكومة اللبنانية والسورية مع حزب الله على تنفيذ الاتفاق كما تتعهد إيران بكونها المرجع والمؤثر القوي لحزب الله بضمان الاتفاق والمساهمة الفعالة في تثبيت الأمن في هذه المنطقة.
وتتعهد الحكومة اللبنانية والسورية بعدم ملاحقة، أو محاكمة أعضاء جيش لبنان الجنوبي وأن تقدما المساعدة على دمجهم بالمجتمع وتوفير المساعدة والحماية اللازمة لمن يرغب منهم العودة إلى بيته، وبناء عليه ستقوم كل من إيران وأمريكا بالسعي لحل مشكلة الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة التي تطالب بها إيران ا هـ. نقلاً عن مقال: “حزب الله على أي أساس يقاتل” للأستاذ عبد المنعم شفيق في مجلة (البيان، [عدد رمضان 1427]).
المبحث الرابع : هل هناك اتفاقيات سرية بين حزب الله وإسرائيل؟
يقول ضابط إسرائيلي من المخابرات: “إن العلاقة بين إسرائيل والسكان اللبنانيين الشيعة غير مشروطة بوجود المنطقة الأمنية، ولذلك قامت إسرائيل برعاية العناصر الشيعية وخلقت معهم نوعاً من التفاهم للقضاء على التواجد الفلسطيني والذي هو امتداد للدعم الداخلي لحركتي حماس والجهاد”.
واعترف الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي فقال: “إن حزب الله هو حرس حدود لإسرائيل”. وقال أيضاً صبحي الطفيلي: “مع بداية التسعينات بدأت ملامح التغيير في السياسة الإيرانية.. بتفاهم تموز 1993م، ثم بتفاهم نيسان 1996م، والذي تم الاعتراف فيه وبحضور وزير خارجية إيران آنذاك، بأمن العدو اليهودي في فلسطين.. ومن ذلك الحين بدأ العدو الصهيوني يسعى إلى الانسحاب من لبنان على ضوء هذا التفاهم، لأن التفاهم يفرض على المقاومة أن تقف.. تصل إلى الحدود وتقف”. لاثم قال: “أريد أن أقول: إن النتيجة لتفاهم نيسان هو أن المقاومة تحولت من: مقاومة -هذه حقيقة- إلى حرس حدود”. ولذلك فإسرائيل تحرص على النفوذ الشيعي في جنوب لبنان ليكون حامياً لها ممن يريد الهجوم على إسرائيل من الحدود الشمالية لها.
وقد جاء في صحيفة (الجروزاليم بوست) في عددها الصادر بتاريخ (23/5/1985)م: “إنه لا ينبغي تجاهل تلاقي مصالح إسرائيل التي تقوم على أساس الرغبة المشتركة في الحفاظ على منطقة جنوب لبنان، وجعلها منطقة خالية من أي هجمات ضدّ إسرائيل.. إن الوقت حان لأن تعهد إسرائيل إلى (أمل) بهذه المهمّة”.
ويؤكّد هذا الأمر توفيق المديني فيقول: “حركة (أمل) التزمت من جانبها بمنع رجال المنظمات الفلسطينية من التسلل إلى مناطق الجنوب للقيام بعمليات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي وضد مستوطنات الجليل في شمال فلسطين المحتلّة”. وقد أكّد هذا الأمر الأمين العام السابق لحزب الله: صبحي الطفيلي، حيث يقول: “من أراد أن يتثبّت -يعني من كون حزب الله أصبح حامياً لحدود إسرائيل كما سبق-، فباستطاعته أن يأخذ سلاحاً ويتوجّه إلى الحدود، ويحاول أن يقوم بعملية ضدّ العدو الصهيوني، لنرى كيف يتصرّف الرجال المسلحون هناك! لأن كثيرين ذهبوا إلى هناك، والآن هم موجودون في السجون!، اعتقلوا على يد هؤلاء المسلحين”.
“فإسرائيل لم تكن تسعى إلى القضاء على حزب الله وتدميره، ليس لقدراته وقوته، ولكن لأنه حزبٌ منضبط، على الرغم من الانزعاج الذي يسبّبه في بعض الأحيان، إلا أن زوال حزب الله من جنوب إسرائيل كفيلٌ بصعود مقاومة سنّية بديلة، وهو أمرٌ لا تقبله إسرائيل. ومن أجمل ما قيل: أن من مصلحة إسرائيل بقاء حزب الله، ومن مصلحة حزب الله بقاء إسرائيل.
فالمشروع الشيعي -وإن كان مزعجاً للمشروع الصهيوني الأمريكي- إلا أنّه يبقى مشروعاً منضبطاً لا يرفض التعاونوالتفاوض، بل قد يبادر إلى التعاون، مثلما حدث من إيران في أفغانستان والعراق، ومثلما حدث من حزب الله قديماً عندما عمل على إحباط هجمات المقاومة من جنوب لبنان. أما المشروع السنيَّ للمقاومة، فهو مشروع مزعجٌ ولا يقبل التفاوض أو المساومة، والوقائع على ذلك كثيرة، بدءً من طالبان في أفغانستان وانتهاءً بالمقاومة الفلسطينية، ومروراً بالمقاومة العراقية”.
المبحث الخامس : علاقة حزب الله بإيران
بالرغم مما يؤكده قادة الحزب بأنه لبناني ونشأ لبنانياً وجاء الدور السوري والإيراني لاحقاً، إلا أن المعطيات تؤكد أن إيران لعبت دوراً أساسياً في ولادته ونشأته ونموه، وتصريحات قادة الحزب وميثاق الحزب تؤكد دوماً التبعية للثورة الإيرانية ومرشدها، وصور قادة إيران وعلمها تسيطر على مرافق وفعاليات الحزب. وتتميز العلاقة بين حزب الله وإيران بتداخل البعدين السياسي والديني فيها، فاللبنانيون الشيعة الذين يمثلون كوادر حزب الله تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية روابط روحية عميقة، ويعتبر مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامئني أكبر مرجعية دينية بالنسبة لهم، ويُسمّى أمين عام حزب الله حسن نصر الله الوكيل الشرعي لآية الله خامئني.
يقول حسن نصر الله: “إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام، والدولة التي تناصر المسلمين والعرب وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما أن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا”.
ويقول إبراهيم الأمين الناطق باسم حزب الله: “نحن لا نقول: إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران”.
ويقول حسن سرور أحد قادة الحزب “نعلن للعالم أجمع أن إيران هي أُمُّنا وديننا وكعبتنا وشراييننا”، ويزيد عباس موسوي: “كلنا أخوة ونقاتل من أجل القضية نفسها، وكل من يحاول التفرقة بينا وبين إخوتنا الإيرانيين أو بين المسلمين عموماً فإنه يرتكب جريمة”. وفي ذكرى أسبوع أحد موظفي السفارة الإيرانية ببيروت “مصطفى توراني” قال الشيخ حسن طراد إمام جمعية مسجد الإمام المهدي بالغبيري: إن إيران ولبنان شعب واحد وبلد واحد وكما قال أحد العلماء الأعلام إننا سندعم لبنان كما ندعم مقاطعتنا الإيرانية سياسياً وعسكرياً. وقد جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 فبراير 1985م أن الحزب “ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة”.
ويقول هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني السابق ورئيس مجمع تشخيص النظام والرجل القوي في إيران: تعتقد إيران أن مساعدتها لحزب الله في لبنان “واجب مذهبي وثوري” وأنها سوف تستمر في دعمه طالما ظلت أراضيه محتلة أو “مهددة” وأنها مع تقديرها للمواقف الشجاعة لشعب لبنان وحكومته في دعم جبهة المقاومة أمام محاولات التوسع للنظام الصهيوني تؤكد استمرار دعم إيران للمقاومة الشعبية في لبنان. الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي الإيراني لحزب الله واضح لا لبس فيه، وإن كان يصعب تحديد حجمه، وهناك جهات إيرانية عديدة تعمل في حزب الله: حراس الثورة، وزارة الخارجية، مؤسسة الشهيد، وزارة الإرشاد الإسلامي، وزارة الداخلية، الأجهزة الأمنية الاستخباراتية.
وبشكل عام نستطيع أن نلخص الدلائل على الدور الإيراني في نشأة حزب الله فيما يلي:
- 1نشأ حزب الله في إيران بتأثير ولاية الخميني على الشيعة كافة، يقول نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم: “كان هناك مجموعة من المؤمنين… تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء، لا يفصل بين مجموعاتها وبلدانها أي فاصل،… وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص إلى إيران ولقاء الإمام الخميني “قدس” وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس وتكوين الحزب اللبناني، فأيد هذا الأمر وبارك هذه الخطوات”.
- 2ذكرت مجلة الشراع بتاريخ (14/8/1995)م نقلاً عن (حزب الله، د. غسان عزي [ص: 34])؛ وجود عضوين إيرانيين في قيادة حزب الله!
- 3حسن نصر الله يشغل منصب الوكيل الشرعي لمرشد إيران الأعلى علي خامنئي، وقد نشرت له عدة صور يقبل فيها يد خامنئي، وقد تساءل البعض ماذا لو تنازعت لبنان مع إيران فلمن سيكون ولاء نصر الله ومن ورائه الحزب والطائفة؟
- 4لقد سبق في تاريخ أمل وحزب الله التحاكم إلى القيادة الإيرانية عند الاختلاف فيما بينهم.
- 5أعلنت حركة أمل في المؤتمر الرابع في آذار 1982 أنها جزء لا يتجزأ من الثورة الإسلامية في إيران.
- 6بسبب تبعية حزب الله لولاية الفقيه، يقرر الباحث الإيراني د. مسعود أسد الله في كتابه (الإسلامييون في مجتمع تعددي، [ص:321]) ما يلي: “بما أن حاكمية الخميني كولي فقيه لا تنحصر بأرض أو حدود معينة فإن أي حدود مصطنعة وغير طبيعية تمنع عمل هذه الولاية، تعد غير شرعية، لذا فإن حزب الله في لبنان يعمل كفرع من فروع حزب الله الواسعة الانتشار… الآراء المذكورة آنفاً توضح أن حزب الله كان مستعداً لإنجاز أي مهمة يأمر بها الولي الفقيه”.
لقد كلف حزب الله إيران الكثير من الجهد والمال، غير أن إيران استفادت منه الكثير، فهي من جهة تمكنت إيران عبر حزب الله من تحسين شعبيتها أمام المجتمع السني خاصة بعد أن ساءت صورتها كثيراً خلال حربها الطويلة مع العراق، كما ساءت صورة الشيعة بشكل عام بعدما اتضح للجميع الجرائم التي يقترفها الشيعة ضد أهل السنة في العراق، لذلك فكان حزب الله هو المنقذ الذي عمل على إظهار إيران بمظهر البلد الذي يواجه إسرائيل والولايات المتحدة.
– ومن جهة ثانية؛ يخدم الدعم الإيراني لحزب الله المشروع الشيعي في الأساس والذي يحلم باستعادة إمبراطورية فارس.
وهو أمر يقر به أحد قادة حزب الله في لبنان وهو إبراهيم الأمين حيث يقول: “إن تصدير الثورة لا يعني تسلط النظام الإيراني على شعوب منطقة الشرق الأوسط، وإنما المفروض أن تعيش هذه المنطقة الإسلام من جديد -والإسلام الذي يقصده هو الإسلام الشيعي- فيكون المتسلط على هذه الشعوب الإسلام وليس الإنسان، على هذا الأساس نحن نعمل في لبنان من خلال المسؤولية الشرعية ومن خلال القناعة السياسية أيضاً، حتى يصبح لبنان جزءاً من مشروع الأمة -الأمة الشيعية بالطبع- في منطقة الشرق الأوسط، ولا نعتقد أنه من الطبيعي أن يكون لبنان دولة إسلامية خارج مشروع الأمة.
– ومن جهة ثالثة؛ يمثل حزب الله ورقة رابحة بيد إيران يستطيع أن يستخدمها وقتما شاء في الضغط على أمريكا وإسرائيل لتحقيق مآربها.
وقد ادرج مجلس التعاون الخليجي، « حزب الله اللبناني» ضمن المنظمات الارهابية.
وخصوصا بعد مشاركة مليشيات حزب الله في الحرب السورية والمشاركة في قتل ابناءه وجاء في بيان الأمانة العامة لمجلس التعاون «قررت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعتبار ميليشيات حزب الله، بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، منظمة إرهابية».
وأوضح الأمين العام للمجلس عبد اللطيف بن راشد الزياني أن الدول»اتخذت هذا القرار جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميليشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الأرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها».
وأضاف الزياني أن «دول مجلس التعاون تعتبر أن ممارسات ميليشيات حزب الله في دول المجلس، والأعمال التحريضية التي تقوم بها في كل من سوريا واليمن والعراق، تتنافى مع القيم والمبادىء والأخلاق الإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديدا للأمن القومي العربي».