يقولو ن ان الحكام لايحكمون بما انزل الله اذا فهم كفار ويجوز الخروج عليهم وانتزاع الحكم منهم واعطائه لمن يقيم الدين ويستدلون بالآية الكريمة
…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44المائدة
(تكفير الحكام):
يقولو ن ان الحكام لايحكمون بما انزل الله اذا فهم كفار ويجوز الخروج عليهم وانتزاع الحكم منهم واعطائه لمن يقيم الدين ويستدلون بالآية الكريمة (…وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)
) المائدة
الجواب على هذه الشبهة(الحاكم المسلم الذي يصلي لايكفر حتى وان حكم بغير ماانزل الله مالم يستحل ذلك)
هذا ايمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه لان الآيات نزلت في اليهود او المستحل من المسلمين للحكم بغير ما انزل الله فهل فعل الذنب دليل على استحلاله ؟
واقرأ هذا الكلام للعلامة الامام الالباني
(فائدة هامة) : إذا علمت أن الآيات الثلاث : (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)
, (فأولئك هم الظالمون)
, فأولئك هم الفاسقون
نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : ” إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه , و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه “
, و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه , و إن لم تؤتوه فاحذروا
, إذا عرفت هذا , فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية , أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك , و إخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله ,…. و سر هذا أن الكفر قسمان : اعتقادي و عملي . فالاعتقادي مقره القلب . و العملي محله الجوارح . فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع , و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به , فهو الكفر الاعتقادي , و هو الكفر الذي لا يغفره الله , و يخلد صاحبه في النار أبدا . و أما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه , فهو مؤمن بحكم ربه , و لكنه يخالفه بعمله , فكفره كفر عملي فقط , و ليس كفرا اعتقاديا , فهوتحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه , و إن شاء غفر له , و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين , و لا بأس من ذكر بعضها :
- 1اثنتان في الناس هما بهم كفر , الطعن في الأنساب و النياحة على الميت . رواه مسلم .
- 2الجدال في القرآن كفر
- 3سباب المسلم فسوق , و قتاله كفر . رواه مسلم .
- 4كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق .
- 5التحدث بنعمة الله شكر , و تركها كفر.
- 6لا ترجعوا بعدي كفارا , يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها .
…, و قد جاء عن السلف ما يدعمها , و هو قولهم في تفسير الآية : “كفر دون كفر”
, صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه , ثم تلقاه عنه بعض التابعين و غيرهم , و لابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة , و نحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي , و إن كانوا يصلون و يصومون !
- 1روى ابن جرير الطبري (10/355/12053) بإسناد صحيح عن ابن عباس : (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال : هي به كفر , و ليس كفرا بالله و ملائكته و كتبه و رسله.2
- 2و في رواية عنه في هذه الآية : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه , إنه ليس كفرا ينقل عن الملة , كفر دون كفر . أخرجه الحاكم (2/313) و قال: “صحيح الإسناد” . و وافقه الذهبي ,
- 2و في أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر , و من أقر به و لم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير (12063) . قلت : و ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس , لكنه جيد في الشواهد .
- 2ثم روى (12047-12051) عن عطاء بن أبي رباح قوله : (و ذكر الآيات الثلاث) : كفر دون كفر , و فسق دون فسق , و ظلم دون ظلم . و إسناده صحيح .
- 1ثم روى (12052 ) عن سعيد المكي عن طاووس (و ذكر الآية) قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . و إسناده صحيح , و سعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي , وثقه ابن معين والعجلي و ابن حبان و غيرهم , و روى عنه جمع.
- 1و روى (12025و12026) من طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس (و في الطريق الأخرى : نفر من الإباضية) فقالوا : أرأيت قول الله :
و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون
أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا :و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون
أحق هو ؟ قال : نعم . قال : فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ? قال : هو دينهم الذي يدينون به , و به يقولون و إليه يدعون – [يعني الأمراء] – فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله , و لكنك تفرق. قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى , و إنكم أنتم ترون هذا و لا تحرجون , و لكنها أنزلت في اليهود و النصارى و أهل الشرك . أو نحوا من هذا , و إسناده صحيح .و قد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير (10/346-357) بأسانيده إلى قائليها , ثم ختم ذلك بقوله (10/358) : “و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب , لأن ما قبلها و ما بعدها من الآيات ففيهم نزلت , و هم المعنيون بها , و هذه الآيات سياق الخبر عنهم , فكونها خبرا عنهم أولى . فإن قال قائل :فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله , فكيف جعلته خاصا ? قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين , فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم -على سبيل ما تركوه- كافرون . و كذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر , كما قال ابن عباس , لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه , نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي ” . و جملة القول أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله , فمن شاركهم في الجحد , فهو كافر كفرا اعتقاديا , و من لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم , فهو بذلك مجرم آثم , و لكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه . وقد شرح هذه و زاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في “كتاب الإيمان” “باب الخروج من الإيمان بالمعاصي” (ص84-87 ) , فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق . و بعد كتابة ما سبق , رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في “مجموع الفتاوي” (3/268) : “أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله” . ثم ذكر (7/254) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ? فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان , مثل الإيمان بعضه دون بعض , فكذلك الكفر , حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه . و قال (7/312) : “وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان و نفاق , فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان و كفر , و ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة , كما قال ابن عباس و أصحابه في قوله تعالى : (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)* , قالوا : كفرا لا ينقل عن الملة . و قد اتبعهم على ذلك أحمد و غيره من أئمة السنة”. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2552.