لا يصلح معالجة ظاهرة التطرف دون النظر في أسبابها، ومظاهرها، ولذا جاءت هذه الورقة (ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي بسويسرا بعنوان: «الاعتدال ونبذ التطرف في الإسلام») لتشتمل على تعريف التطرف والغلو والأصولية، وأسبابها، ومظاهرها، وعلاجها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وسلم وبعد:
فهذه ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الرابع الذي تقيمه كلية الشريعة – جامعة الكويت بسويسرا بمنطقة فيفاي، والمنعقد خلال الفترة من ١٩-٢٠-۸-٢٠٠٥ تحت رعاية وزير الإعلام الكويتي د: أنس الرشيد المحترم، وهو بعنوان: «الاعتدال ونبذ التطرف في الإسلام».
وقد جاء نصيبي في هذا المؤتمر أن أعالج التطرف من منظور إسلامي كعلاج شرعي
غير أنه لا يصلح معالجة ظاهرة التطرف دون النظر في أسبابها، ومظاهرها، ولذا جاءت هذه الورقة لتشتمل على تعريف التطرف والغلو والأصولية، وأسبابها، ومظاهرها، وعلاجها، ثم الخاتمة.
المقدمة
لابد قبل بحث موضوع «التطرف والغلو | الأسباب – المظاهر – العلاج» من عدة وقفات:
- الوقفة الأولى: مع التعريفات لتحديد المفاهيم والمصطلحات.
- الوقفة الثانية: لماذا الحديث عن التطرف؟
- الوقفة الثالثة: أمور يجب أن لا تغفل حينما نتحدث عن التطرف.
وبالله تعالى التوفيق.الوقفة الأولى
التعريفات
التطرف في اللغة: مشتق من الطرف أي الناحية، أو منتهى الشيء، وتطرف أتى الطرف، وجاوز حد الاعتدال ولم يتوسط.
وأصل الكلمة في الحسيات ثم استخدمت في المعنويات، كالتطرف الفكري، وفي الحقيقة هو مصطلح صحفي ولم يرد هذا اللفظ بهذا الاصطلاح لا في الكتاب ولا في السنة.
وغالبا ما يستخدم هذا المصطلح من قبل العلمانيين دون التزام بالموضوعية في هذا المصطلح، فهم لم يحددوا أولا ما هو التطرف، ولا معناه، بل يريدونه لفظا غامضا عائما فضفاضا لمحاولة إضفائه وإلصاقه فيمن يشاءون سواء كانت الخصومة سياسية أو فكرية أو شرعية أو دنيوية، بل حتى خصومة شخصية، فاليوم التطرف والمتطرف هو الإسلام والملتزم به، وغدا يتحول التطرف إلى جهة أخرى.
فمن له مواقف سياسية معينة ضد إسرائيل فهو متطرف سياسي مهما كانت قضيته عادلة، ويبذل من أجل الدفاع عن دينه وبلده وأمته.
ومواجهة بعض المواقف السلوكية السلبية في نظر بعض العلمانيين تطرف كالدعوة إلى الحجاب، ونبذ التبرج، أو محاربة الربا، والدعوة للعمل بالنظام الإسلامي، أو تجنب الفواحش، وتقييد الحريات بالضوابط الدينية يعد تطرفا عند البعض، كما يعد متطرفا من يدعو للإلتزام العقائدي في الدعوة لتحكم الشريعة واعتبار غير المسلم له أحكامه الخاصة به، وأن لقاء الديانات على غير كلمة التوحيد غير ممكن، وأن من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما بلغته الرسالة وزالت عنه الموانع فليس بمسلم، ففي نظر البعض يعد هذا متطرفا عقديا، ولذا فهذا لفظة ليس لها حد لمعرفة ما تجمع وما تمنع إذ الكل يوظفها حسب هواه، وبما أن التطرف هو مجاوزة حد الاعتدال فهذا يدعو إلى معرفة الغلو.
والغلو لفظة شرعية وردت في الكتاب والسنة وهي من غلا إذ زاد وارتفع وجاوز الحد، وقد جاء ذلك في قوله تعالى يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ
وقال تعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ
.
وجاء في السنة عن ابن عباس رضي الله عنه: لما جمع النبي صلى الله عليه وسلم الجمرات أمره أن يلقط له حصى صغارا وقال: بمثل هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين
.
ولذا فإن استخدام المصطلحات الشرعية أسلم وأحكم.
والغلو هو مجاوزة الحد والحد هو النص الشرعي على فهم سلف الأمة الذين شهدوا التنزيل وفهموا مقاصد الشرع الحكيم.
والغلو نوعان:
- الأول: غلو اعتقادي: كغلو النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام، وغلو الرافضة في الأئمة، وغلو الصوفية في الأولياء، وغلو الخوارج في تكفير أهل الإسلام بالكبيرة والذنب.
- والثاني: غلو عملي: وهو المتعلق بالأمور العملية التفصيلية من الأقوال والأفعال بما لا يترتب عليه اعتقاد مثل رمي الجمار بالحصى الكبيرة، والزيادة في العبادات كالوصال في الصوم والتبتل بعدم الزواج والرهبنة في الدين… الخ.
ومن الألفاظ ذات الصلة:
الأصولية (Fundamentalism): وهي في معجم ويستر مصلطح أطلق على حركة احتجاج مسيحية ظهرت في القرن العشرين تؤكد على ضرورة التفسير الحرفي للكتاب المقدس كأساس للحياة الدينية الصحيحة.
وقد حاول كثير من المغرضين البحث عن أوجه الشبه بين هذه الفئات النصرانية ودعاة الإسلام أو بعضهم لينقلوا إليهم هذا المصطلح وهو مصطلح غربي له ظروفه وملابساته.
فأحيانا يطلق لفظ التطرف وأحيانا الأصولية، وأحيانا الإرهاب دون الإجماع على تحديد مفاهيم هذه المصطلحات الثلاثة ولذا آثرت في هذه الورقة أن أرجع إلى المصطلح الشرعي وهو الغلو ومجاوزة الحد في السلوك أو الاعتقاد أو العبادة.
وإذا كان التطرف هو الميل إلى أحد الطرفين فهو ضد الوسطية والاعتدال وهو ميل إما إلى غلو وإما ميل إلى تساهل وإلغاء.الوقفة الثانية
لماذا الحديث عن التطرف والغلو؟
إن قضية الغلو في الدين لم تكن وليدة اليوم فهي عند اليهود وأحبارهم وعند النصارى في رهبانهم، وظهرت في الخوارج في الإسلام، وظهرت عند المتصوفة، وعند كثير من الفرق التي انتسبت إلى الإسلام، ولذا كانت مناقشة هذا الموضوع لأسباب:
- أولا: لأنه واقع لا يمكن تجاهله ولا يمكن أن ننزعج من معالجة هذه الأخطاء وحوارها بل الصحيح أن ننزعج من إهمالها، كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم:
الدين النصيحة
❋. - ثانيا: لقد تناول هذا الموضوع كثير من الغربيين والعلمانيين وأطلقوا لفظ الأصولية والإرهاب والتطرف على خليط من الأوراق، وقد تكلم المتخصص وغير المتخصص فلماذا لا يكون لحملة العلم الشرعي وقفة ووضوح في هذه القضية.
- ثالثا: أن هذا الموضوع يتجدد عرضه مع كل حدث وقد ازداد عرضه بعد حادث ١١ سبتمبر، حيث أنه تم شحن العالم كله بموضوع الإرهاب والتطرف. ثم أعيد طرحه بعد أحداث مدريد، وأحداث شرم الشيخ، وأحداث طابا في مصر، وأخيرا أحداث لندن.
- رابعا: ولأن مفهوم التطرف والإرهاب قد أصبح فضفاضا وقد أدخلت فيه كثير من القضايا العادلة كقضية فلسطين وغيرها، واستخدمت الآلة العسكرية والقوى الأمنية بأعلى درجات البطش للقضاء على التطرف والإرهاب دون بحث في جذور المشكلة وأسبابها لذا كان هذا المؤتمر لتسليط الضوء على هذه الجوانب من خلال كوكبة من علماء وطلبة العلم الشرعي بكلية الشريعة جامعة الكويت وغيرها.
- خامسا: ولأن كثيرا من الناس يستقون معلوماتهم من الإعلام وفي كثير من الأحيان يكون الإعلام موجها لخدمة فكرة ما أو تيار معين، وقد أصبح من الواضح عبر الصياغة الإعلامية أن التطرف والأصولية والإرهاب إنما هي ألفاظ لصيقة بالإسلام والمسلمين وليس لها علاقة بممارسات بعض الدول المحتلة التي تستولي على الشعوب وتنهب خيراتها كحال إسرائيل مع الفلسطينيين مثلا.
يجب أن يكون واضحا أن الذين يتكلمون عن التطرف والإرهاب والأصولية بقصد التنفير أو التحريض أو التحذير أو الإشارة إنما يخلطون الأوراق بين من يغلو حقيقة وبين من يلتزم بالإسلام.
فعندهم أن الملتحي والمحجبة والداعي للحكم بشريعة الله تعالى ومنكر المنكر متطرف، وهذا الخلط مقصود منه وقف المد الإسلامي،وضرب الصحوة الإسلامية العريضة وتنفير الناس من الإسلام فهم إنما يحاربون الإسلام في حقيقة تعاليمه وليس التطرف.
كما لابد أن يكون واضحا أن حجم التطرف والغلو لدى الشباب الإسلامي أقل بكثير جدا مما يهوله المغرضون لذا يجب أن تناقش قضية التطرف والغلو بموضوعية علمية لكي لا يستخدم علماء الشريعة سلاحا ضد هويتهم الإسلامية.
المبحث الأول
أسباب التطرف والغلو
يجمع الباحثون في قضية التطرف والغلو أن أسبابه لا تنحصر في الجهل بأحكام الدين، وإنما منها ما هو سياسي، ومنها ما هو تربوي، ومنها ما هو نفسي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو ثقافي، ومنها ما هو مجتمعي.
ويغذي التطرف أحيانا الأفراد وأحيانا أخرى الجماعات، وفي بعض الأحيان مؤسسات ودول تحت مظلة النظام والقانون، وربما المحاكم الصورية ولذا نعالج التطرف والغلو في أهم أسبابه وهي:
- أولا: الجهل بعدم معرفة حكم الله تعالى مع الغيرة على دين الله وتعظيم الحرمات وشدة الخوف من الله، فلا يتحمل الإنسان أن يرى من أخيه المسلم معصية كبيرة، ولا يتصور أن تصدر هذه الكبيرة من مسلم، لذا فسرعان ما ينقله من دائرة الإسلام إلى خارجها.وهذا الجهل ناتج عن غياب الوعي الديني والفهم العميق للنصوص وربما أدى به ذلك إلى الجرأة على الأحكام الشرعية، ومعالجة النوازل من غير أهل الاختصاص دون فهم للنصوص الشرعية ومعرفة مقاصد الأحكام والإلمام بأسرار اللغة والرجوع لمن شاهد التنزيل وفهم التأويل.والجهل يعالج بإثباته أولا من خلال تخطئته وإبراز الصواب أي بالعلم والمناظرة والمناصحة وقد ناظر ابن عباس الخوارج بأمر على رضي الله عنه فرجع منهم أربعة آلاف.وبعث عمر بن عبد العزيز رحمه الله من يناظرهم في عهده فرجع منهم ألفي إنسان وهكذا على أهل العلم فتح صدورهم ومجالسهم للسؤال والإجابة على أسئلة الشباب وشبها تهم والاقتراب منهم والنزول إلى ميدانهم لرفع الجهل عنهم ولقطع الطريق على من يتصدر من غير أهل الاختصاص
- ثانيا: الهوى المؤدي للتعسف في تأويل النصوص ولي أعناق الآيات والأحاديث طلبا للشهرة والرياسة والزعامة وقد وافق ذلك نفسية مريضة منحرفة فهي تميل إلى العنف والحدة والانحراف مما يؤدي إلى إسقاط الثقة بالعلماء، ويستقل الإنسان بنفسه وفهمه ورأيه.
- ثالثا: أسباب تتعلق بالمجتمع والدولة. إن الانحلال الخلقي المدعوم أحيانا بالقانون تحت غطاء الحرية هو أحد أسباب حصول التطرف والغلو.فمظاهر الرذيلة التي يشاهدها المسلم خاصة في المجتمعات الإسلامية في الشارع والمدرسة والجامعة والإعلام الرسمي والصحافة والإذاعة والأسواق من ناحية،والاستهزاء بالدين وحملته وتشويه صورته ومحاربته، ومحاصرة رجل الدين في فكره وإغلاق منافذ التعبير عليه،كل ذلك من أسباب نشوء التطرف والإرهاب وردة الفعل القاسية وإن كانت غير مبررة إلا أننا نبحث في الأسباب.
- رابعا: أسباب سياسية: تتعلق بواقع الأمة الخارجي من احتلال أراضيها وقتل أبنائها وهتك عرض بناتها ومصادرة ثرواتها وكشف أستارها وإسقاط هيبتها فما يحصل في أفغانستان والعراق وفلسطين لا شك أنه سينعكس انتقاما في نفوس الشباب وسيكون وقودا صالحا للاشتغال متى ما أتيحت الفرصة.ولعل آخر هذه الأمور هو تدنيس المصحف الشريف في قاعدة غونتانامو بكوبا وقاعدة باغرام بأفغانستان واعتراف القوات الأمريكية بذلك، هذا على المستوى الخارجي.وعلى المستوى الداخلي: فإن الزج بآلاف الشباب في السجون والمعتقلات تحت غطاء المحاكمات الصورية ومداهمة منازلهم وحرق سمعتهم والتشهير بهم ومنعهم من ممارسة حرية التعبير بل حتى حرية العبادة كالحجاب أو اللحية أو الصلوات في المساجد أو المطالبة بتطبيق الشريعة وتعرضهم لأقصى درجات التعذيب والإهانة وسحق الإنسانية كل ذلك كفيل في أن يولد لنا تطرفا وغلوا وإرهابا.
- خامسا: الأوضاع الإقتصادية: ونخاطب بها أولئك النافذين الذين استكثروا على شعوبهم أن يشاركوهم الحياة فاستأثروا بالثروات والمؤسسات والشركات وعاشوا حياة البذخ والسرف من السرقات والرشاوى والنفوذ واستغلال السلطة في ظل وجود طبقة محرومة تعيش دون مستوى الفقر ، بل تصل إلى حد العدم ولا تملك شيئا ولا يمكنهم الحصول على شيء إلا من خلال التسول وإراقة ماء الوجه ، وإهدار كرامة الإنسان بل بعضهم اضطر إلى بيع عرضه والتخلي عن شرفه من أجل أن يعيش ، فماذا نتوقع من ألوف من الجامعيين العاطلين عن العمل وآلاف من البنات العازبات عن الزواج بسبب نقص ذات اليد لدى الشباب مع ارتفاع تكاليف الحياة والمعيشة ، إنه وبحكم الطبيعة البشرية سيرتفع مستوى الحقد والحسد والتحامل والتطرف والنقمة على الآخر الغني الذي كان سبب غناه هو استئثاره بالسلطة أو ربما أنه من أبناء وسلالة فلان أو من الحزب الحاكم أو غيره ، ولك أن تتصور ما يفعل الفقر في الإنسان من أمراض جسدية يعجز عن علاجها وأمراض نفسية يورثها الفقر والهم والتفكير بالغد وعدم قدرة على التعليم بل ولا على العيش ، ويوافق ذلك هوى في النفس ومجاميع عاطلة تتوافق نفسيا مع بعضها من حيث مبدأ التحامل على النظام بسبب الفقر والفاقة وعدم العدالة في توزيع الثروات مما يؤجج روح العداء ويذكي نار التطرف والغلو تحت مسمى الدين أو غيره.
- سادسا: الفراغ الروحي الذي يحيط بالشباب: إن عدم وجود ما يشبع رغبات الشباب خاصة إذا وافق ذلك بطالة وعدم وجود سبل الرزق وكسب العيش ، كفيل في ضياعهم وربما انحرافهم مما يسهل توجيههم واستغلالهم من قبل أي إنسان كان وحسب رغبته وخططه وربما كان هذا الفراغ سببا للجريمة والإفساد في المجتمع. وقد قالوا:«إن الشباب والفراغ والجدة ❋ مفسدة للمرء أي مفسدة»
المبحث الثاني
مظاهر التطرف والغلو
إنه من الطبيعي لهذه الظاهرة أن تورث آثارا سيئة منها:
- ١ – الإفراط في التدين لإثبات الذات وإظهارها بأنها مميزة عن الآخرين.
- ٢ – التفريط الذي يؤدي إلى الكفر والإلحاد فلا يبقى للإنسان فضيلة في نفسه وقد يلجأ للهروب من الواقع ويتعاطى المخدرات والمسكرات كعلاج لهذا الواقع المرير.
- ٣ – التعصب للرأي وعدم الإعتراف بالرأي الآخر ، مما يؤدي إلى إلزام الناس بما لم يلزمهم الله به وقد يؤدي ذلك إلى الغلظة والخشونة وإيذاء الآخرين.
المبحث الثالث
علاج التطرف والغلو
- أولا: لابد من تمكين العلماء الربانيين المخلصين والمشهود لهم بالعلم والإخلاص والتجرد وعدم التبعية أو التعصب من توجيه الجماهير وفتح القنوات الإعلامية لهم وأن يكونوا مرجعية حقيقية صادقة مخلصة للحاكم والمحكوم.كما لابد من إجراء حوارات ولقاءات ومناظرات مع من يحمل فكرا فيه غلو أو تطرف أو عرضت عليه شبهة بقصد تشخيص المشكلة ومعالجتها ، بعيدا عن المزايدات والتشهير وكيل التهم واستباق الأحكام والبحث عن مكاسب دنيوية.
- ثانيا: لابد من إنشاء لجان تضم خبراء من الشرعيين والنفسانيين والاجتماعيين والاقتصاديين والأمنيين والإعلاميين لمعالجة ظاهرة الغلو والتطرف في المجتمعات ، عبر دراسات علمية وميدانية جادة غير منحازة.
- ثالثا: محاسبة المجتمع والدولة على ما يضخه الإعلام من انحراف خلقي وما يخالف العقيدة والآداب ومنع المساس بالدين وأهله ومعرفة أن الحريات المنفلتة لا تولد إلا ردة فعل منفلتة غير منضبطة.
- رابعا: تحسين الأوضاع السياسية الخارجية التي تجلب على الدول مواقف معادية والداخلية التي تسمى بالمواقف الأمنية بعدم التضييق على حريات الناس المنضبطة واحترام المخالف وإلغاء المحاكم الصورية التي تغطي على رغبات النظام في تصفية الخصوم والتعسف في حقهم.
- خامسا: تحسين الوضع الاقتصادي للشباب بتوزيع الثروات بالشكل العادل وإتاحة فرص العمل والإبداع والمشاركة وإعادة تأهيل الشباب ليكون فردا صالحا في مجتمعه وأمته والقضاء على هاجس الرزق وانتظار الفتات واستغلال هذا الفقر من قبل البعض لتجنيد الشباب لتحقيق أهدافا وغايات غير مشروعة.
- سادسا: ضرورة العدل وإعطاء الناس حقوقهم: سواء كانت حقوقا مالية أو سياسية أو اجتماعية أو شخصية والقضاء على الظلم أو تقليصه فإن المجتمعات لا يمكن أن يترعرع فيها الأمن وقد ساد الظلم ومن الظلم سرقة أقوات الناس وأخذهم بالظنة وتعذيبهم ومصادرة عقولهم ، وعد أنفاسهم وأخذهم بجريرة غيرهم ، فإن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة.
- سابعا: ملء الفراغ الروحي لدى الشباب من خلال:
- ١. عقد الندوات والمؤتمرات التثقيفية على مدار السنة.
- ٢. تنشيط الرياضة ودعم الأندية.
- ٣. تفعيل دور المساجد والمراكز الدينية في توعية الناس.
- ٤. إقامة المعسكرات الصيفية للتثقيف والترويح.
الخاتمة
إنه لا يمكن معالجة أي ظاهرة من الظواهر إلا بمعرفة أسباب نشأتها ، فإذا تبين أن التطرف والغلو سببه إما الجهل بأحكام الله وإما اتباع الهوى ، وإما الانحراف من خلال الحريات المفتوحة في المجتمع أو الإفساد الإعلامي ، وإما للمواقف السياسية التي تتخذها الدولة دون مراعاة العواقب ، وإما بسبب الظلم والتعسف الأمني في استخدام السلطة ، وإما بإغلاق قنوات الحوار وإلغاء الآخر ، ومصادرة حقه في الحياة والعيش والمشاركة ، وإما بسبب الفقر والحاجة والبطالة مع وفرة المال بيد الطبقة الحاكمة مما يؤدي إلى العزوبة والبطالة والفراغ الروحي والتفكير في الانتقام والجنوح إلى التطرف.
إذا علمنا أسباب الغلو والتطرف سهل علينا وضع الحلول والدراسات لمعالجة هذه الظواهر التي هي في كثير منها وليدة واقع مرير كبر مع الأيام وتراكم عبر المواقف.
ولا شك أن عودة الشريعة حكما في العالم الإسلامي والخلافة الراشدة جامعة للأمة لهو كفيل في القضاء على كثير من مشاكل أمتنا.
والله نسأل الهداية للجميع.
وصلى الله على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيح رائد صبري أبو علفة
المراجع
- ١. ظاهرة التطرف والغلو في الدين للعميد الركن يوسف أحمد أبو حجر.
- ٢. مفهوم التطرف قراءة في شروط الوسطية للدكتور: أحمد صدقي الدجاني.
- ٣. الغلو في الدين في حياة المسلمين ، للأستاذ عبد الرحمن اللويحق.
- ٤. واقعنا المعاصر للأستاذ: محمد قطب.
- ٥. حقيقة التطرف للدكتور: سلمان العوده (شريط).
- ٦. من الإرهابي للأستاذ وجدي غنيم (شريط).
- ٧. إرهاب المتطرفين للشيخ عبد الوهاب الطريري (شريط).
- ۸. الإسلام والإرهاب للشيخ أحمد القطان (شريط).
- ٩. حقيقة التطرف للدكتور عمر عبد الكافي (شريط).