منظمة كاخ الصهيونية / الاسرائيلية:

(كاخ) كلمة عبرية تعني (هكذا) وهو اسم جماعة صهيونية سياسية ارهابية صاغت شعارها على النحو التالي: يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف وكتب تحتها كلمة (كاخ) العبرية، بمعنى ان السبيل الوحيد لتحقيق الآمال الصهيونية هي التوراة والسيف (أي العنف المسلح والديباجات التوراتية) وهذه اصداء لبعض اقوال جابوتنسكي. وتضم حركة كاخ مجموعة من الارهابيين ذوي التاريخ الحافل من بينهم إيلي هزئيف، وهو صهيوني غير يهودي كان يعمل جندياً في فيتنام ثم تهود واستقر في اسرائيل. ويبدو انه ارتكب جريمة قتل وقدم للمحاكمة بتهمة قتل جاره، وحيازة سلاح بشكل غير قانوني، وكان يسمى (الذئب) او (القاتل). وقد قتل اثناء احدى الهجمات الفدائية. ومن بين مؤسسى رابطة الدفاع، يوئيل ليرنر الذي قبض عليه عام 1975 بتهمة محاولة اغتيال كيسنجر، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1982 بتهمة تنظيم فريق من الفتيان والفتيات للاعتداء على المسجد الاقصى. وهناك ايضاً يوسي ديان الذي اعتقل عام 1980 بتهمة محاولة اغتيال سائق تاكسي عربي. وكان قد انسحب من كاخ بسبب صراعه مع كاهانا على السلطة. وتضم الجماعة أيضاً يهودا ريختر الذي حققت معه الشرطة للاشتباه بضلوعه في مقتل أحد أعضاء حركة السلام الآن. ومع هذا يظل مائير كاهانا أهم شخصيات الحركة، التي كانت تدور حول شخصيته، وهو (مفكرها) الأساسي (إن كان من الممكن إطلاق كلمة (فكر) أو حتى (أفكار) على تصريحاته المختلفة).
ورغم ان البعض يشيرون الى كاهانا باعتباره حاخاماً فإنه لم يتلق أي تعليم ديني، بل ادعى اللقب لنفسه. عمل كاهانا بعض الوقت عميلاً للمخابرات المركزية الامريكية ولمكتب المخابرات الفيدرالية الامريكية وأسس رابطة الدفاع اليهودي في الولايات المتحدة عام 1968 التي قسمت الى مجموعات من فئتين أطلق على الاولى لقب (حيا) وهي كلمة عبرية تعني (وحش) أو (حيوان) وعلى الثانية لقب (أهل العلم والفكر). ثم نقل نشاطها الى اسرائيل عام 1971 وتخلى عن التقسيم الثنائي، وتحولت الى منظمة سياسية باسم كاخ قبيل انتخابات 1973.
وقد رشح كاهانا نفسه لانتخابات الكنيست في سنوات 1972 و1977 و19811 وفشل في الحصول على عدد كاف من الاصوات لانتخابه. ولكن مع تغير المناخ السياسي ونمو الديباجات الدينية اليهودية المتطرفة واليمين العلماني المتطرف وازدياد مشاعر العداء ضد العرب بدأت كاخ تتحرك من الهامش الى المركز. ولذا عندما رشح كاهانا نفسه في انتخابات عام 1984 حصل على نحو 26 الف صوت وفاز بمقعد في الكنيست. وقد تصاعدت شعبيته حتى ان استطلاعات الرأي تنبأت بفوز حزبه بخمسة مقاعد برلمانية. ولكن المؤسسة الحاكمة أدركت خطورته على صورة الدولة الصهيونية فقامت بتعديل قانون الانتخابات بحيث تم حظر الاحزاب الداعية الى التمييز العنصري واثارة مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب.
ويمكن القول بأن صهيونية كاخ هي الصيغة الشعبوية للصهيونية العضوية الحلولية. فالشعب اليهودي في تصوره هو شعب مختار فريد ومتميز، بل شعب مقدس، حقوقه مقدسة، ولذا فهو مكتف بذاته ومرجعية ذاته يستمد معاييره من ذاته، ولا يكترث بمعايير الشعوب الأخرى.
وكما هو الحال دائماً في المنظومات الحلولية العضوية، لا تقل الارض قداسة عن قداسة الشعب، فالإله يحل في كل من الشعب والارض بنفس الدرجة ويربط بينما برباط عضوي لا تنفصم عراه. ومن ثم فليس بإمكان الشعب اليهودي المقدس بان يفرط في حقوقه المقدسة في الارض المقدسة ويتنازل عن أجزاء منها للشعوب الاخرى (غير المقدسة).
والتوجه السياسي لجماعة كاخ هو توجه مشيحاني قوي، فخلاص الشعب اليهودي المقدس بات قريباً ولكنه لن يتحقق الا بعد ضم المناطق المحتلة وازالة كل عبادة غريبة من جبل الهيكل(الحرم القدسي الشريف والمسجد الاقصى) واجلاء جميع أعداء اليهود من ارض فلسطين.
في هذا الاطار يتناول كاهانا قضية علاقة اليهودية بالصهيونية (وبالحضارة الغربية). يتحرك كاهانا في اطار حلولي عضوي أحادي مصمت فيرفض الديباجات الصهيونية المتأثرة بالحضارة الغربية او بقيم الديموقراطية او الاشتراكية، ويؤكد ان اليهودية دين بطش وقوة. ولذا، فقد صرح بأنه لا يعرف يهودياً متديناً ليس على استعداد للقول بان ما فعله العبرانيون بالكنعانيين ايام يشوع بن نون (أي أيام ابادتهم حسب الادعاء التوراتي) لم يكن عادلاً. وقد فقدت الصهيونية حسب تصوره قوتها وطاقتها حينما انفصلت عن هذه اليهودية الباطشة، ولا سبيل لبعثها الا عن طريق ربطها بها مرة أخرى. ولذا، يطالب كاهانا بتغيير التعليم في اسرائيل تغييراً شاملاً ودمجه باليهودية كاملاً. واما بالنسبة الى أعضاء الجماعات اليهودية، فإن عليهم الهجرة الى اسرائيل إذ لا مستقبل لهم إلا هناك. وهو يرى أن يهود العالم (الشعب العضوي المنبوذ) يتعرضون لعملية إبادة جديدة، وان المؤسسة اليهودية في العالم بأسره متعفنة وخائنة لأنها لا تنبه اليهود الى الخطر المحدق بهم. ويقف الشعب اليهودي الآن على عتبات الخلاص النهائي، وسيأتي الماشيح لا محالة، وسيسود الشعب المختار كل الشعوب الاخرى.
وتترجم هذه الافكار نفسها بشأن اليهود واليهودية الى فكر محدد بشأن الدولة الصهيونية. فاسرائيل، حسب رؤية كاهانا، هي وطن الامة اليهودية، ومن ثم فإن اعتناق اليهودية يكون هو الاساس الوحيد لاكتساب الجنسية الاسرائيلية. فالدولة الصهيونية تخضع لشريعة التوراة وحسب، ولذا فهي اما أن تكون دولة يهودية تستند الى التوراة او دولة ديموقراطية.
والدولة الصهيونية التي سيعبر اليهودي من خلالها عن هويته الفريدة المتميزة دولة عضوية تقوم على وحدة السلالة ونقاء الدم، كما تقوم على اساس إعلان السيادة اليهودية المطلقة على فلسطين من خلال حياة مستقلة في إطار من الثقافة اليهودية المهيمنة على جميع مناحي الحياة في إسرائيل.